الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غايـة البيـان شرح زبد ابن رسـلان ***
108 - يُسَنُّ لا بَعد زوالِ الصائِمِ *** وأكَّدُوهُ لانتباهِ النَّائِمِ 109 - ولِتَغَيُّرِ الفَمِ وللصلاهْ *** وُسُنَّ باليُمْنَى الأَرَاكُ أَوْلاهْ 110 - ويُستَحبُّ الاكتِحَالُ وِتْرَا *** وغِبَّا ادَّهِنْ وقَلِّمْ ظُفْرَا 111 - وانْتِفْ لإِبْطٍ ويُقَصُّ الشَّارِبُ *** والعَانَةَ احلِقْ والخِتَانُ وَاجِبُ 112 - لبَالِغٍ ساتِرَ كَمْرَةٍ قَطَعْ *** والاِسْمَ مِن أُنثَى ويُكْرَهُ القَزَعْ 113 - تَنَزُّهَا والأَخْذُ مِن جَوَانِبِ *** عَنْفَقَةٍ ولِحْيةٍ وحَاجِبِ 114 - وحَلقُ شَعرِ امرأةٍ وَرَدِّ *** طِيبٍ ورَيْحَانٍ على مَن يُهْدِي 115 - وحَرَّمُوا خِضَابَ شَعرٍ بِسَوَادْ *** لِرَجُلٍ وامرَأةٍ لا للجِهَادْ باب السواك: وهو لغة الدلك وآلته وشرعا استعمال عود أو نحوه كأشنان في الأسنان وما حولها يسن السواك مطلقا لخبر (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما ورواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم لكنه لا يسن بعد زوال الصائم أي زوال شمس يومه بل يكره لخبر الصحيحين (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) والخلوف بضم الخاء تغير رائحة الفم والمراد الخلوف بعد الزوال لغير أعطيت أمتى في شهر رمضان خمسا ثم قال وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك رواه السمعاني وقال حديث حسن كما ذكره في المجموع من حكاية ابن الصلاح والمساء بعد الزوال وأطيبيه الخلوف تدل على طلب إبقائه فكرهت إزالته فيما ذكر وأما خبر أبى داود وغيره عن عامر بن ربيعة قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستاك وهو صائم مالا أعد) فليس فيه أنه فعله بعد الزوال وتزول الكراهة بغروب الشمس في الأصح والمعنى في أختصاصها بما بعد الزوال أن تغير الفم بسبب الصوم إنما يظهر غالبا حينئذ ولو واصل وأصبح صائما كره له ذلك قبل الزوال وبعده أخذا من العلة كما قاله الجيلى في الإعجاز وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ولو تغير فمه بعد الزوال بسبب آخر غير الخلوف كنوم أو وصول شئ كريه الريح إلى فمه فاستاك لذلك لم يكره كما قاله المحب الطبري في شرح التنبيه وأكدوه لانتباه النائم أي يتأكد طلب السواك لانتباه النائم من نومه ليلا كان أو نهارا لخبر الصحيحين (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك) أي يدلكه وقيس بالنوم المذكور غيره بجامع التغير ولتغير رائحة فم بنوم أو أكل أو كلام أو تركه أو غيره لما روى الطبراني في معجمه الكبير وغيره عن العباس بن عبد المطلب أنه قال كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستاكوا فقال تدخلون على قلحا استاكوا وللصلاة أي عند إرادة القيام لها سواء كانت فرضا أو نفلا وسواء أكان متوضأ أو متيمما أم فاقدا للطهورين لخبر الصحيحين (لولا أن أشق على أمتى أو على الناس لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) وفى رواية لهما (بالسواك مع كل صلاة) أي أمر إيجاب بدليل خبر (لفرضت عليهم عند كل صلاة) ويتأكد أيضا للوضوء وإن لم يصل به وللتيمم أيضا وللقراءة ولصفرة الأسنان ويمكن إدراجها في قول الناظم ولتغير فم ولدخول منزل وللطواف بأنواعه ولسجدة التلاوة أو الشكر قال الشيخ أبو حامد وعند الأكل وعند إرادة النوم قال الزركشى وبعد الوتر وفي السحر كما قاله ابن عبد البر وللصائم قبل أوان الخلوف كما يسن التطيب قبل الإحرام كما ذكره الإمام في كتاب الحج وعند الاختصار كما دل عليه خبر الصحيحين ويقال إنه يسهل خروج الروح وليس له إذا أراد أن يستاك ثانيا غسل سواكه إن حصل عليه وسخ أو ريح أو نحوهما كما ذكره في المجموع وسن الاستياك باليمنى وإن كان لإزالة قلح والبداءة بالجانب الأيمن من فمه لشرف الأيمن ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله وسواكه رواه أبو داود ويسن عرضا ويجزئ طولا ويمره على كراسى أضراسه وأطراف أسنانه وسقف حلقه بلطف ولينوبه السنة ويعوده الصبى ليألفه و الأراك أولاه ثم النخل ثم العود ذو الريح الطيب ثم مطلق العود واليابس المندى بماء أولى ويحصل بكل مزيل للوسخ طاهر ولو خرقة أو أصبعا متصلة من غيره خشنة إلا أصبعه لأنها لا تسمى سواكا ويستحب الاكتحال بالإثمد لخبر الترمذي عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال (اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر) ورواه النسائى وابن حبان بلفظ إن من خير أكحالكم الإثمد وعن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالإثمد فإنه منبتة للشعر مذهبه للقذى مصفاة للبصر وفي حديث عليكم بالإثمد المروح عند النوم أي المطيب بالمسك ويستحب كونه وترا لخبر أبى داود وغيره باسناد جيد (من اكتحل فليوتر) واختلفوا في قوله فليوتر فقيل يكتحل في اليمنى ثلاثا وفي اليسرى مرتين فيكون المجموع وترا والأصح أنه يكتحل في كل عين ثلاثا لخبر الترمذى عن ابن عباس وحسنة قال (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منها في كل عين ثلاثا) واستدل للأول بخبرالطبراني عن ابن عمر قال (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل جعل العين اليمنى ثلاثا وفي العين اليسرى) مرودين فجعلهم وترا لكن في أسناده العمرى ومن لا يعرف وقد علم أنه لو اكتحل شفعا حصل له أصل السنة روى أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال (من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج وغبا ادهن) أي وقتا بعد وقت بحسب الحاجة لخبر الترمذى وصححه عن عبد الله بن مغفل قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الادهان إلا غبا) وفي الشمائل للترمذي عن أنس بن مالك قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته) وما يروى في كتب الفقهاء مرفوعا استاكوا عرضا وادهنوا غبا واكتحلوا وترا فغريب قال في المجموع الادهان غبا بكسر الغين هو أن يدهن ثم يترك حتى يجف الدهن وقال في نكته قول الشيخ ويدهن غبا أي وقتا بعد وقت فيدهن ثم يتركه حتى يجف رأسه ونقل ابن الرفعة عن بعضهم وقال قبله الغب كما قال ابن فارس ان ترد الإبل الماء يوما و تدعه يوما و بهذا فسر الإمام أحمد الحديث وبه قال بعض الشارحين وقلم ظفرا أي يسن تقليم الأظافر أي قصها بمقص أو نحوه لعده من الفطرة ولأنها تتفاحش بتركها وقد يمنع الوسخ الحاصل تحتها من وصول ماء الطهارة إلى ما تحته ومحل ندب أزالة الظفر والشعر الآتى في غير عشر ذى الحجة لمريد التضحية ووقت قصها عند طولها ويوم الجمعة أولى ولا يعارضه ما روى عن أنس قال وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين يوما وروى عن وصية على أن التقليم في كل عشرة أيام ونتف الإبط في كل أربعين وحلق العانة في كل عشرين وقص الأنف في كل ثلاثين والحق في الجميع اتباع الحاجة الأولى في قصها أن يكون مخالفا لخبر (من قص أظفاره لم ير في عينيه رمدا) وفسره جماعة منهم أبو عبيدة الله بن بطة بأن يبدأ بخنصر اليمنى ثم الوسطى ثم الأبهام ثم البنصر ثم المسبحة ثم إبهام اليسرى ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السبابة ثم البنصر وفي الإحياء أنه يبدأ في اليدين بمسبحة اليمنى ويختم بإبهامها وفي الرجلين بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى قال النووى لا بأس به إلا تأخيره إبهام اليمنى فإن السنة إكمال اليمنى أولا ويسن غسل رءوس الأصابع بعد قص أظفارها فقد قيل إن الحك بالأظفار قبل غسلها يضر بالجسد والظفر بضم الظاء والفاء وإسكانها وبكسر الظاء مع إسكان الفاء وكسرها ويقال فيه أظفور وانتن لإبط بكسر الهمزة وسكون الباء أي يندب ذلك إن اعتاده وإلا فيحلقه ويقص بالبناء للمفعول الشارب بحيث يظهر طرف الشفة ولا يحفيه من أصله والعانة بالنصب احلق من الرجل أما الأنثى فالمستحب لها نتفها كما ذكره النووى وغير لخبر الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خمس من الفطرة الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط) والاستحداد هو حلق العانة قال الغزالى ويستحب نتف الإبط في كل أربعين يوما مرة قال وذلك سهل على من تعود في الابتداء نتفه فأما من تعود الحلق فيكفيه إذ في النتف تعذيب وإيلام والمقصود النظافة وهى تحصيل بالحلق واختص النتف بالإبط والحلق بالعانة لأن الإبط محل الرائحة الكريهة والنتف يضعف الشعر فتخف الرائحة الكريهة والحلق يكثر الشعر فتكثر فيه الرائحة قال الجيلى وشعر العانة إذا طال يعشش فيه الشيطان ويذهب قوة الجماع والختان واجب على الذكر والأنثى لبالغ عاقل محتمل له ساتر بالنصب كمرة قطع وهى الغلفة من الذكر والاسم بنصبه أيضا من أنثى لقوله تعالى {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} وكان من ملته الختان ففي الصحيحين أنه اختتن وعمره ثمانون سنة وفي صحيح ابن حبان والحاكم مائة وعشرون سنة وقيل سبعون سنة ولخبر أبى داود أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل (أسلم ألق عنك شعر الكفر واختتن) والأمر للوجوب ولأنه قطع جزء من البدن لا يستخلف تعبدا فلا يكون إلا واجبا كقطع السرقة واحترزوا بالقيد الأول من الشعر والظفر فإنه يستخلف وبالثاني عن القطع للأكلة فإنه لا يجب ولأنه قطع عضو سليم فلو لم يجب لم يجز كقطع الأصبع في القصاص وأما خبر أحمد والبيهقى أنه صلى الله عليه وسلم قال (الختان سنة في الرجال مكرمة في النساء) فأجيب عنه بأن المراد منه أنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه فعله وأمر به فيكون واجبا وأما ختان الصبى والمجنون ومن لا يحتمله فليس بواجب لأن الأولين ليسا من أهل الوجوب والثالث يتضرر به وكما يجب الختان يجب قطع السرة لأنه لا يتأتى ثبوت الطعام إلا به وربطها إلا أن وجوبهما على الغير لأنه لا يفعل إلا في الصغر ويجب على المالك ختن رقيقه أو تخليته ليكتسب ويختتن ويسن كونه يوم السابع الذى يلى ولادته إن أطاقه فإن أخر استحب أن يكون في الأربعين فإن أخر عنها ففي السنة السابعة لأنه الوقت الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة عند تمييزه وأما الخنثى المشكل فيحرم ختنه ولو بعد بلوغه لأنه جرح مع الشكولم يصدر منه جناية فلا يشكل بقطع إحدى يدين اشتبهت بأصلية وقد سرق ما يقطع به ومن له ذكران عاملان ختنا جميعا أو أحدهما عامل ختن فقط ويعرف عمل الذكر بالبول ومؤنة الختان في مال المختون فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه مؤنته ويجبر الإمام بالغا عاقلا على الختان إذا احتمله وامتنع منه ولو مات قبل الختان حرم ختنه وإن كان بالغا وإن ولد مختونا لم يختن وأما تثقيب آذان الصبية لتعليق الحلق فحرام لأنه جرح لم تدع إليه حاجة صرح به الغزالى في الإحياء وبالغ فيه مبالغة شديدة قال إلا أن يثبت فيه من جهة النقل رخصة ولم تبلغنا وفي الرعاية في مذهب أحمد يجوزتثقيب آذان الصبية للزينة ويكره ثقب آذان الصبي وفي فتاوى قاضيخان من الحنفية أنه لا بأس بتثقيب آذان الصبية لأنهم كانوا يفعلونه في الجاهلية ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكره القزع تنزها لخبر الصحيحين عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينهى عن القزع) وهو بقاف وزاى مفتوحتين وعين مهملة وهو حلق بعض الرأس سواء كان من موضع واحد أم متفرقا مأخوذ من قزع السحاب وهو تقطعه قال النووي في شرح مسلم أجمع العلماء على كراهة القزع إذ كان في مواضع متفرقة إلا أن يكون لمداواة أو نحوها وهى للتنزيه وقال بعض أصحاب مالك لا بأس به في القصة أو القفا للغلام قال العلماء والحكمة في النهى عنه أنه تشويه للخلقة قال الغزالي في الإحياء لا بأس بحلق جميع الرأس لمن أراد التنظيف ولا بأس بتركه لمن أراد أن يدهن ويرجل وادعى ابن المنذر الإجماع على إباحة حلق الجميع وهو رواية عن أحمد وروى عنه أنه مكروه لما روى أنه من وصف الخوارج ولا خلاف أنه لا تكره إزالته بالمقراض ولا خلاف أن اتخاذه أفضل من إزالته إلا عند التحلل من النسك والأخذ من جوانب عنفقة ولحية وحاجب أي يكره للرجل أخذ الشعر من جوانب عنفقته ومن لحيته وحاجبيه كذا في التحقيق وغيره لأنه في معنى التنميص المنهى عنه لكن قال ابن الصلاح لا بأس بأخذ ما حول العنفقة وفهم من كلام الناظم كراهة حلق الرجل لعينه ونتفها بطريق الأولى خصوصا أول طلوعها إيثارا للمرودة وحلق شعر رأس امرأة لأن بقاءه يزينها نعم إن عجزت عن معالجته ودهنه وتأذت بهوامه فلا كراهة ونتف لحيتها وشاربها مستحب لأن بقاء كل منهما يشينها ورد طيب وريحان على من يهدى أي يكره تعاطي رد الطيب أو الريحان على من أهداه إليه كما صرح به النووي في تحقيقه وقد علم أن قول المصنف ورد مجرور بالمضاف الذي قدرناه وحذف المضاف سائغ شائع في الكلام الفصيح وحرموا خضاب شعر بسواد لرجل وامرأة أي يحرم خضاب شعر أبيض من رأس رجل أو امرأة أو لحية رجل بالسواد لخبر أبي داود والنسائي وابن حيان في صحيحه والحاكم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) وكالرجل والمرأة الخنثى نعم يجوز للمرأة ذلك بإذن زوجها أو سيدها لأن له غرضا في تزيينها به وقد أذن لها فيه والظاهر كما قاله بعض المتأخرين أنه يحرم على الولي خضب شعر الصبي أو الصبية إذا كان أصهب بالسواد أي لما فيه من تغيير الخلقة وإن عزى للناظم في شرحه لنظمه أنه قال إن الظاهر أنه لا يحرم انتهى لا للجهاد أي يجوز خضب الشعر الأبيض بالسواد لأجل الجهاد لما فيه من إرهاب العدو وخرج بالسواد خضبه بغيره كالحناء فلا يحرم بل هو سنة للذكر والأنثى.
116 - مُوجِبُهُ الخارجُ مِن سبيلِ *** غَيرَمَنِيٍّ مُوجِبِ التَّغسيلِ 117 - كذا زوالُ العقلِ لا بِنَومِ كُلْ *** مُمَكِّنٍ ولَمْسُ مَرأَةٍ رَجُلْ 118 - لا مَحْرَمٌ وحائِلٌ للنَّقْضِ كَفْ *** ومَسُّ فَرْجِ بَشَرٍ ببَطنِ كَفْ 119 - واختيرَ مِن أَكْلٍ لِلَحمِ الجُزُرْ *** ومَعْ يَقينِ حَدَثٍ أو طُهْرْ 120 - إذا طَرَا شَكٌّ بضِدِّه عَمِلْ *** يَقِينُهُ وسابِقٌ إذا جُهِلْ 121 - خُذْ ضِدَّ ما قبلَ يقينٍ حيثُ لَمْ *** يُعْلَمْ بشيءٍ فالوُضُوءُ مُلْتَزَمْ 122 - فُرُوضه النِّيَّةُ واغسِل وَجْهَكَا *** وغَسْلُكَ اليدينِ مَعْ مِرْفَقِكَا 123 - ومَسْحُ بعضِ الرأسِ ثُمَّ اغسِلْ وَعُمْ *** رِجْلَيكَ مَعَ كَعبَيكَ والتَّرتيبُ ثُمْ 124 - له شُرُوطٌ خمسةٌ طَهُورُ ما *** وكَونُهُ مُمَيِّزَاً ومُسلما 125 - وعَدَمُ المانِعِ مِن وُصولِ *** ماءٍ إلى بَشَرَةِ المَغسُولِ 126 - ويَدخُلُ الوقتُ لدائِمِ الحَدَثْ *** وعَدَّ منها الرَّافِعِي رَفْعَ الخَبَثْ 127 - والسُّنَنُ السِّوَاكُ ثُم بَسمِلا *** وأغسِلْ يَدَيكَ قبلَ أن تُدَخِّلا 128 - إِنَا ومَضمِض وانتَشِق وعَمِّمِ *** الرأسَ وابدأهُ من المُقَدَّمِ 129 - ومَسحُ أُذنٍ باطِنا وظاهِرا *** وللصِّمَاخَينِ بماءٍ آخَرَا 130 - وخَلِّلَن أصابِعَ اليَدَينِ *** والِّلحيَةَ الكَثَّةَ والرِّجْلَينِ 131 - واسْتَكمِلِ الثلاثَ باليقينِ *** وابدَأ بيُمنَاكَ سِوَى الأُذْنَيْنِ 132 - واستَصْحِبِ النِّيَّةَ من بَدْءٍ إلى *** آخِرِهِ ودَلْكِ عُضوٍ والوِلا 133 - وللوُضُو مُدٌّ وللتَّغسيلِ *** صاعٌ وطُولُ الغُرِّ والتَّحجِيلِ 134 - ثم الوُضوءُ سُنَّةٌ للجُنُبِ *** لنَومِهِ أو إِنْ يَطَا أو يَشرَبِ 135 - كذاكَ تجديدُ الوُضُو إِنْ صَلَّى *** فريضَةً أو سنَّةً أو نَفْلا 136 - وركعتان للوضوءِ والدُّعَا *** مِنْ بَعدِهِ في أيِّ وقتٍ وَقَعَا 137 - آدابُهُ استقبالُ قِبلَةٍ كَمَا *** يَجلسُ حيث لم يَنَلْهُ رَشُّ مَا 138 - ويَبتَدِي اليدَينِ بالكَفَّيْنِ *** وبأصابعٍ من الرِّجْلَيْنِ 139 - مكروهُهُ في الماءِ حيثُ أسْرَفَا *** ولَو مِنَ البحرِالكبيرِاغتَرَفَا 140 - أو قَدَّمَ اليُسْرَى على اليمينِ *** أو جاوَزَ الثلاثَ باليقينِ باب الوضوء: هو بضم الواو الفعل وبفتحها الماء الذي يتوضأ فيه وقيل بالفتح فيهما وقيل بالضم فيهما والمبوب له الوضوء بمعنى الفعل وهو من الوضاءة وهي الحسن وفي الشرع استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مفتتحا بنية قال الإمام وهو تعبدي لا يعقل معناه لأن فيه مسحا ولا تنظيف فيه والأصح أنه معقول المعنى وكان فرضه مع فرض الصلاة كما رواه ابن ماجة والأصح أنه ليس من خصائص هذه الأمة وإنما الخاص بهم الغرة والتحجيل موجبه الخارج من سبيل أي موجب الوضوء بكسر الجيم أي أسبابه لأنه مفرد مضاف ليعم أربعة أحدها الخارج من سبيل معتاد قبلا كان أو دبرا ريحا كان الخارج ولو من قبل أو عينا نادرا كان أو معتادا نجسا كان أو طاهرا ولو دوده أخرجت رأسها ثم رجعت أما الغائط والبول والريح والمذى فبالنص وأما ما عداها فبالقياس عليها وفي موجبه أوجه أصحها بالخروج مع الانقطاع وجوبا موسعا ومع القيام إلى الصلاة وجوبا مضيقا ويجري ذلك في موجب الغسل من الحيض والنفاس وشمل كلام الناظم إيجاب الوضوء بخروج الخارج من دبر المشكل أو من قبليه جميعا ومن ثقبه انفتحت في معدة أو فوقها أو تحتها وقد خلق مسدود المخرج الأصلي أو انفتحت تحت المعدة وقد انسد الأصلي فصار لا يخرج منه شيء وإن لم يلتحم وهو كذلك ومحل ما ذكر في الانسداد العارض فيقوم مقام الأصلي في النقض فقط دون إجزاء الحجر وإيجاب الوضوء تمسها والغسل بالإيلاج فيها وإيجاب سترها وتحريم النظر إليها فوق العورة لكن رجح في المجموع عدم انتقاض الوضوء إذا نام ممكنا لها من مقره والمنسد حينئذ كعضو زائد من الخنثى لا وضوء بمسه ولا غسل بإيلاجه والإيلاج فيه أما إذا كان الانسداد خلقيا فمنفتحه كالأصلي في الأحكام كلها كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ويؤخذ من قولنا فمنفتحه أنه لا أثر لخروج من منفتح بأصل الخلقة كالفم وخرج مما مر خروج الخارج من غيره كأحد قبلى المشكل وثقبه انفتحت تحت المعدة مع انفتاح الأصلي أو انفتحت فيها أو فوقها ولو مع انسداد الأصلي فلا يوجب الوضوء لأن الأصل عدم النقض حتى يثبت شرعا ولم يثبت إلا فيما مر غير منى موجب التغسيل استثنى الناظم من إيجاب الوضوء بخروج الخارج المني الموجب للغسل وهو مني الشخص نفسه الخارج منه أول مرة كأن أمنى بمجرد نظر أو احتلام ممكنا مقعدته فإنه لا يوجب الوضوء لأنه أوجب أعظم الأمرين وهو الغسل بخصوصه فلم يوجب أدونهما بعمومه كزنا المحصن لما أوجب أعظم الحدين وهو الرجم بكونه زنا محصن لم يوجب أدونهما بكونه زنا ويلحق به ولادة بلا بلل كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وفرق بينه وبين إيجاب الحيض والنفاس الوضوء مع إيجابهما الغسل بأمور منها أنهما لا فائدة لبقاء الوضوء معهما وأنهما يمنعان صحة الوضوء فلا يجامعانه مع إيجابهما الغسل بخلاف خروج المنى يصبح معه الوضوء في صورة سلس المنى فيجامعه ومنها أن كلا منهما يخرج صاحبه عن كونه مكلفا بالصلاة فلا معنى لبقاء الوضوء حينئذ ولا كذلك المنى وخرج بقوله موجب التغسيل ما لا يوجبه كأن جومعت في دبرها أو في قبلها ولم تنقض شهوتها واغتسلت ثم خرج منها أو استدخل شخص من منيه أو منى غيره ثم خرج منه فإنه يوجب الوضوء كما شمله المستثنى منه أيضا ومثله ما لو ألقت بعض ولد كيد فينتقض وضوءها ولا غسل به كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى كذا زوال العقل وهو ثانيها أي التمييز فإن فسر بآلة التمييز كما حكى عن إمامنا الأعظم أو أنه صفة يميز بها بين الحسن وبين القبيح فالمراد زوال تصرفه وهو التمييز إما بارتفاعه بالجنون أو انغماره بالإغماء أو السكر ونحوه أو استتاره بالنوم ونحوه كما أشار إليه بقوله لا بنوم كل ممكن لخبر (العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ) رواه أبو داود وغيره وحسنه الترمذي وغيره وأخرجه ابن السكن في صحاحه وغير النوم مما ذكر أبلغ منه في الذهول الذي هو مظنة لخروج شيء من دبره كما أشعر به الخبر إذ السه الدبر ووكاءه حفاظه عن أن يخرج منه شيء لا يشعر وبه العينان كناية عن اليقظة ولا يضر في النقض بزوال العقل الذي هو مظنة لخروج الخارج كون الأصل عدم خروج شيء لأنه لما جعل مظنة لخروجه من غير شعور به أقيم مقام اليقين كما أقيمت الشهادة المفيدة للظن مقام اليقين في شغل الذمة وقوله لا بنوم إلى آخره أي لا يجب الوضوء بنوم كل شخص ممكن مقعدته من مقره ولو مستندا إلى ما لو زال لسقط أو محتبيا بأن يجلس على آلييه رافعا ركبتيه محتويا عليهما بيديه أو غيرهما لخبر مسلم عن أنس قال (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضأون) ولفظ أبي داود (ينتظرون العشاء فينامون حتى تخفق رؤوسهم) الحديث وحمل على نوم الممكن مقعده جمعا بينه وبين خبر (العينان وكاء السه) ولأمنه حينئذ خروج الخارج ولا عبرة باحتمال خروج ريح من قبله لندرته ولو زالت إحدى ألييه قبل انتباهه أنتقض وضوءه ولو كان مستشعرا أو مع انتباهه أو بعده أو شك فلا ولا يلحق الإغماء ونحوه مع تمكين المقعدة بالنوم لأن عدم الشعور معهما أبلغ كما مر ولا تمكين لمن نام على قفاه ملصقا مقعده بمقره ولا لمن نام قاعدا وهو هزيل بحيث يكون بين مقعده ومقره تجاف وكان بحيث لو خرج منه شيء لا يحس به وخرج بزوال العقل بعض النعاس وحديث النفس وأوائل نشوة السكر فلا نقض بها ويقال للنعاس سنة والفرق بينه وبين النوم أن الناعس يسمع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه بخلاف النائم ومن علامة النوم الرؤيا فلو شك في أنه متمكن أولا أو في أنه نام أو نعس لم ينتقض وضوءه أو رأى رؤيا وشك هل نام أو نعس انتقض ثالثها ما ذكره بقوله ولمس مرأة رجل أي لمس ذكر أنثى أجنبيين كبيرين ببشرتهما وهي ما سوى السن والشعر والظفر أو في معناها عمدا أو سهوا بشهوة أو غيرها سواء في ذلك اللامس والملموس والأصلي والزائد والعامل والأشل من أعضاء الوضوء أو غيرها والخصى والعينين والمحبوب والمسموح والشيخ الهرم والعجوز لقوله تعالى {أو لامستم النساء} أي لمستم كما قرئ به لا جامعتم والمعنى في إيجابه الوضوء أنه مظنة الإلتذاذ المثير للشهوة ورجل في كلامه منصوب ووقف عليه بحذف الألف على لغة ربيعة أو مجرور بإضافة لمس إليه وفصل بينهما بمفعوله وهو امرأة على لغة كما في قراءة ابن عامر قوله تعالى {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاءهم} بنصب أولادهم وجر شركائهم بإضافة قتل إليه مفصولا بينهما بمفعوله لا محرم أي لا لمس حرم وهي من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها سواء كانت من نسب أو رضاع أو مصاهرة ولو بشهوة فلا يوجب الوضوء لانتفاء المظنة بينهما وحائل للنقض كف أي لا نقض مع وجود حائل بين بشرتي الذكر والأنثى ولو رقيقا وخرج بذلك اللمس الواقع بين ذكرين أو أنثيين أو خنثى وأنثى أو ذكر ولمس العضو المقطوع والشعر ولو على فرج والسن والظفر ومن لم يبلغ حد الشهوة عرفا فلا يوجب شيء منها الوضوء وشمل كلامه لمس الميت فينتقض به وضوء الحي وقوله وحائل ليس معطوفا على محرم بل مبتدأ خبره كف وفي قوله كف وكف الآتية جناس تام مستوفى لاتفاقهما في أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها وهما من نوعين رابعها ما ذكره في قوله ومس فرج بشر ببطن كف أي ينقض الوضوء مس فرج آدمي ببطن كف قبلا كان أو دبرا من نفسه أو غيره عمدا أو سهوا متصلا أو ذكرا مقطوعا لخبر (من مس ذكره فليتوضأ) وفي رواية (من مس فرجه) وفي رواية (ذكرا) رواه الترمذي وقال حسن صحيح وخبر ابن حبان في صحيحه (إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ) ومس فرج غيره أفحش من مس فرجه لهتك حرمة غيره والمراد بمس قبل المرأة ملتقى الشفرين على المنفذ وبمس الدبر ملتقى المنفذ وببطن الكف مااستتر عند وضع إحدى الكفين على الأخرى مع تحامل يسير وخرج بالفرج مس أحد قبلى المشكل فلا نقض به لا أن يمس الواضح منه مثل آلته وبالآدمي البهيمة فلا ينقض مس فرجها كما لا يجب ستره ولا يحرم النظر إليه ولا يتعلق به ختان ولا استنجاء ولأن لمس إناث البهائم ليس يحدث فكذلك مس فرجها فعلى هذا لو أدخل يده في فرجها لم ينتقض طهره في أصح الوجهين وببطن الكف رءوس الأصابع وما بينها وحرف الكف فلا نقض بمس شيء منها لأنها خارجة عن سمت الكف ولأنه لا يعتمد على المس بها وحدها من أراد معرفة لين الممسوس أو خشونته ولا ينتقض الممسوس ولو كان له كفان أو ذكران انتقض الوضوء بمس كل منهما لا بمس الزائد مع العامل وينقض مس الأصبع الزائدة إذا كانت على سنن الأصابع واختير من أكل للحم الجزر أي المختار عند النووي وجماعة وجوب الوضوء من أكل لحم الجزر أي الإبل نيئا أو مطبوخا قال النووي وهو وإن شذ مذهبا فهو قوى دليلا لصحة حديثين فيه واختاره المحققون واعتقدوا رجحانه أه وقد أشار الناظم إلى حكاية ذلك بلفظ اختير بالبناء للمفعول فليس في كلامه دلالة على اختياره له ولكن القول الجديد المشهور وهو المذهب أنه لا يوجب الوضوء لخبر جابر قال (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار) وأجيب عن دليل القديم بحمله على الندب أو على الوضوء اللغوي قال النووي وهو جواب غير شاف ومع يقين حدث أو طهر إذا طرا شك بضده عمل يقينه أي إذا تيقن حدثا أو طهرا ثم طرأ عليه شك عمل بضده أي بيقينه استصحابا له لخبر مسلم (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أولا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) قال النووي وغيرة الشك هنا وفي معظم أبواب الفقه هو التردد سواء المستوى والراجح انتهى والباء في قوله بضد متعلقة بقوله طرأ أو بقوله شك فتكون ظرفية ويقينه منصوب بنزع الخافض ويصح رفعه على أنه فاعل عمل أي عمل يقينه عمله وسابق إذا جهل خذ ضد ما قبل يقين أي إذا جهل السابق من الحدث والطهر كأن وجدا منه بعد الفجر مثلا وجهل السابق منهما أخذ بضد ما تيقنه قبلهما من حدث أو طهر فإن تذكر أنه كان قبلهما محدثا فهو الآن متطهر سواء اعتاد تجديد الوضوء أم لا لأنه تيقن الطهارة وشك في تأخر الحدث عنه والأصل عدم تأخره وإن تذكر أنه كان قبلهما متطهرا فهو الآن محدث إن اعتاد تجديد الوضوء ولو مرة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لأنه تيقن الحدث وشك في تأخر الطهارة عنه والأصل عدم تأخرها فإن لم يعتد تجديده لم يأخذ بالضد بل بالمثل فيكون الآن متطهرا لأن الظاهر تأخر طهره عن حدثه و حيث لم يعلم بشيء فالوضوء ملتزم أي إذا لم يعلم ما قبلهما فالوضوء لازم له لتعارض الاحتمالين من غير مرجح ولا سبيل إلى الصلاة مع التردد المحض في الطهر وهذا خاص بمن يعتاد التجديد فإن غيره يأخذ بالطهر مطلقا كما مر فلا أثر لتذكره وإن خالف فيه بعض المتأخرين فرضه النية أي فروض الوضوء ستة أحدها النية لما مر ويجب قرنها بأول جزء من الوجه كأن ينوي رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو غيرها مما لا يباح إلا بالوضوء أو أداء فرض الوضوء أو فرض الوضوء أو الوضوء ودائم الحدث لا تجزئه نية رفع الحدث ولو نوى غيره رفع غير حدثه أجزأه إن غلط لا إن تعمد واغسل وجهكا ثانيها غسل الوجه قال تعالى {فاغسلوا وجوهكم} والمراد انغساله وكذا في بقية الأعضاء والمراد ظاهر الوجه إذ لا يجب غسل داخل العين والفم والأنف وحده طولا ما بين منابت شعر رأسه غالبا وأسفل طرف المقبل من اللحيين وعرضا ما بين أذنيه وشعور الوجه إن لم تخرج عن حده وكانت نادرة الكثافة كعذار وهو ما حاذى الأذنين وهدب وشارب وعند وعنفقة ولحية امرأة وخنثى وجب غسلها ظاهرا وباطنا وإن كثفت وإن لم تكن نادرة الكثافة وهي لحية الرجل وعارضاه أو خرجت عن حده كشعر اللحية والعارض والعذار والسبال وجب غسل ظاهرها وباطنها إن خفت وإلا وجب غسل ظاهرها فقط فلو خف بعض اللحية مثلا وكثف بعضها فلكل حكمة إن تميز وإلا فكالخفيف والخفيف ما ترى بشرته في مجلس التخاطب ويجب غسل جزء من الرأس وسائر الجوانب المجاورة للوجه احتياطا وغسلك اليدين مع مرفقكا ثالثها غسل اليدين مع المرفقين بكسر الميم وفتح الفاء وعكسه قال تعالى {وأيديكم إلى المرافق} ودل على دخولهما في الغسل الآية والإجماع وفعله صلى الله عليه وسلم المبين للوضوء المأمور به كما رواه مسلم وغيره فإن لم يكن له مرفق اعتبر قدره فإن قطعت من المرفق وجب غسل رأس العضد أو من فوقه ندب غسل باقي عضده ويجب غسل شعر اليدين وإن كثف وظفرهما وإن طال ويد زائدة إن نبتت في محل فرض وإن نبتت في غيره وجب غسل ما حاذى منها محله إن تميزت فإن لم تتميز بفحش قصر أو نقص أصبع أو ضعف بطش أو نحوه وجب غسلها وتجري هذه الأحكام في الرجلين والألف في قوله وجهكا ومرفقك للإطلاق ومسح بعض الرأس رابعها مسح بعض رأسه لقوله تعالى {وامسحوا برءوسكم} ولا فرق بين مسح بشرة الرأس والشعر الذي عليها بحيث يطلق عليه اسم المسح ولو بعض شعرة واحدة بيد وغيرها ولو من صاحب رأسين أصليين بشرط كون الشعر الممسوح لو مد لم يخرج عن حد الرأس وفي مسلم أنه صلى اله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته فدل على الاكتفاء بمسح البعض ولأنه المفهوم عند الإطلاق ولم يقل أحد بوجوب خصوص الناصية وهي الشعر الذي بين النزعتين وهما بياضان يكتنفانها والاكتفاء بها يمنع وجوب الاستيعاب ويمنع وجوب التقدير بالربع أو أكثر لأنه دونه والباء كما في المجموع عن جماعة من أهل العربية إذا دخلت على متعدد كما في الآية تكون للتبعيض أو على غير متعدد كما في قوله تعالى {ليطوفوا بالبيت} تكون للإلصاق وإنما وحب التعميم في التيمم مع أن آيته كهذه الآية لثبوته بالسنة ولأنه بدل فاعتبر مبدله ومسح الرأس أصل فاعتبر لفظه وأما عدم وجوبه في الخف فللإجماع ولأن التعميم يفسده مع أن مسحه مبني على التخفيف لجوازه مع القدرة على الغسل بخلاف التيمم ولو قطر الماء على رأسه أو وضع يده المبتلة عليه أو تعرض للمطر ولم يمسح أجزأه وكذا لو غسله ثم اغسل وعم رجليك مع كعبيك خامسها غسل رجليه مع كعبيه من كل رجل وهما العظمان الناتئان من الجانبين عند مفصل الساق والقدم قال تعالى {وأرجلكم إلى الكعبين} وقرئ بالنصب والجر عطفا على الوجوه لفظا في الأول ومعنى في الثاني لجره على الجوار وجعله بعضهم عطفا على الرأس حملا له على لابس الخف ودل على دخولهما في الغسل ما دل على دخول المرفقين فيه ويأتي ما مر في اليدين هنا والترتيب سادسها الترتب في أفعاله لفعله صلى الله عليه وسلم المبين للوضوء المأمور به رواه مسلم وغيره ولقوله صلى الله عليه وسلم في حجته ابدءوا بما بدأ الله به رواه النسائي بإسناد صحيح والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولأنه تعالى ذكر ممسوحا بين مغسولات وتفريق المتجانس لا ترتكبه العرب إلا لفائدة وهي هنا وجوب الترتيب لاندبه بقرينه الأمر في الخبر ولأن الآية بيان الوضوء الواجب ولهذا لم يذكر فيها شيء من سننه فلو عكس ولو ساهيا أو وضأه أربعة دفعة حصل الوجه فقط إن نوى عنده ولو توضأ أربع مرات منكسا أجزأه ولو اغتسل ذو الحدث الأصغر نية رفع الحدث أو نحوها أو بنية الجنابة أو نحوها غالطا ورتب أو انغمس أجزأه وإن لم يمكث ولو أحدث وأجنب أجزأه الغسل عنهما ولو اغتسل ذو الحدث الأكبر إلا رجليه أو إلا يديه مثلا ثم أحدث وجب غسلهما للجنابة والأعضاء الثلاثة مرتبة للحدث وله تقديم الرجلين أو اليدين ثم له أي الوضوء شروط خمسة أولها طهور ما أي أن يعلم أو يظن المتوضئ كونه مطلقا لأن ما عداه لا يرفع الحدث وقوله طهور ما من إضافة الصفة إلى الموصوف كجرد قطيفة أو من إضافة الأعم إلى الأخص فإن التراب طهور أيضا و ثانيها كونه أي المتوضئ مميزا و ثالثها كونه مسلما لأن وضوء غيرهما غير صحيح لعدم صحة نيته إذ شرطها إسلام الناوى وتمييزه كما مر وإنما صح غسل الكتابية والمجنونة من الحيض والنفاس كما سيأتى لضرورة حق الزوج والسيد ولهذا تجب إعادته عند الإسلام والافاقة و رابعها عدم المانع الحسى كدهن جامد وشمع من وصول ماء إلى بشرة المغسول إذ جرى الماء على العضو المغسول شرط لصحة تطهيره ويقاس بالمانع الحس المانع الشرعى من حيض أو نفاس ويدخل الوقت لدائم الحدث خامسها دخول الوقت في وضوء دائم الحدث كمستحاضة وسلس بول أو مذى لأن طهارته طهارة ضرورة ولا ضرورة قبل الوقت ومن شروطه عدم الصارف ويعبر عنه بدوام النية فلو قطعها في أثناء الوضوء احتاج إلى نية جديدة والعلم بفرضيته وبسنيته فلو اعتقد العامى كل أفعاله فرضا صح أو سنة فلا أو البعض ولم يميز صح إن لم يقصد بفرض نفلا ويجرى هذا التفصيل في الصلاة وعد منها الرافعى بسكون الياء وصله بنية الوقف رفع الخبث أي عد الرافعى من شروط الوضوء رفع الخبث الذي يزول بالغسلة الواحدة عن أعضاء وضوئه إن كان فلا يكفى لهما غسلة واحدة لأن الماء يصير مستعملا في الخبث فلا يستعمل في الحدث والمعتمد ما صححه النووي من أنها تكفى لهما كما في الحيض والجنابة لأن مقتضى الطهرين واحد والماء ما دام مترددا على العضو لا يحكم عليه بالاستعمال وسواء أكانت عينية أم حكمية وما صورها في مجموعة في الحكمية جرى على الغالب ويجرى الخلاف بتصحيحه في الحدث الأكبر مع الخبث أما إذا لم يزل الخبث بالغسلة الواحدة فالحدث أيضا باق ويؤخذ منه أيضا أن عضوه لو تنجس بمغلظ لم يرتفع حدثه إلا بتمام الغسلات السبع والسنن السواك أوله لما مر في بابه ثم بسملا أي بعده عند غسل الكفين كما سيأتى لخبر (كل أمر ذى بال) ولخبر النسائى بإسناد جيد كما في المجموع عن أنس قال (طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا فلم يجدوا فقال صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم ماء فأتى بماء فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء ثم قال توضئوا باسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابعه حتى توضأوا وكانوا نحو سبعين رجلا) وقوله صلى الله عليه وسلم (بسم الله) أي قائلين ذلك وأقلها بسم الله وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم زاد الغزالى بعدها في بداية الهداية رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون وحكى المحب الطبرى عن بعضهم التعوذ قبلها ويسن أن يقول بعدها الحمد لله الذى جعل الماء طهورا فإن ترك البسملة أوله استحب أن يقول في أثنائه بسم الله أوله وآخره وقوله بسملا بفتح الميم بصيغة الماضى وفاعله المتوضئ وألفه للإطلاق أو بكسرها بصيغة الأمر وهو الأنسب بما بعده ففاعله المخاطب وألفه بدل من نون التوكيد الخفيفة واغسل يديك قبا ان تدخلا إنا أي يسن غسل كفيه ثلاثا قبل المضمضة وإن تيقن طهرهما أو لم يرد غمسهما للاتباع رواه الشيخان ثم إن شك في طهرهما سن غسلهما قبل أن يدخلهما إناء فيه ماء قليل أو مائع بل يكره غمسهما فيه قبل غسلهما ثلاثا وهذا محمل كلام الناظم فإن تيقن طهرهما بإستنادلغ بإستناد لغسل ثلاثا لم يكره غمسهما فيه قبل غسلهما بل ولا يسن غسلهما قبله وقوله بتشديد الخاء ثم إن بنى للمفعول فألفه ضمير تثنية عائد على اليدين أو للفاعل فألفه للإطلاق وإنا بالقصر للوزن ومضمض وانتشق أي يسن أوله المضمضة ثم الاستنشاق للأتباع ويحصلان بوصول الماء إلى الفم والأنف وإن ابتلعه أو لم يدره وتقديم المضمضة على الاستنشاق مستحق لا مستحب فلو قدم الاستنشاق عليها حسب وفاتت وتسن المبالغة فيهما للمفطر والمبالغة في المضمضة أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك واللثات ويسن إمرار أصبعه اليسرى عليها ومج الماء وفي الاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلىالخيشوم ويسن الاستنثار بأن يخرج بعد الاستنشاق ما في أنفه من ماء وأذى ويسن كونه بيده اليسرى أما الصائم ولو نفلا فتكره له المبالغة والأفضل جمعهما وأن يكون بثلاث غرف يتمضمض من كل ثم يستنشق فيحصل أصل السنة بفعلهما بست غرفات أو بغرفتين يتمضمض من واحدة ثلاثا ثم يستنشق منها ثلاثا أو يتمضمض منها ثم يستنشق مرة ثم كذلك ثانية وثالثة وعمم الرأس ندبا بالمسح للأتباع رواه السيخان وخروجا من خلاف من أوجبه والحكم عليه بالسنية لا ينافى وقوعه فرضا على قول ولكن الأصح أن قدر الواجب يقع فرضا وما زاد يقع نفلا وأبدأه من المقدم أي يسن أن يبدأ بالمسح من مقدمه بأن يضع يديه على المقدم ويلصق مسبحته بالأخرى وإبهاميه على صدغيه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المبدإ للاتباع رواه الشيخان وهذا لمن له شعر ينقلب بالذهاب والرد ليصل البلل إلى جميعه وذلك مرة واحدة فإن لم يكن له شعر ينقلب لم يسن له الرد لعدم فائدته فإن رد لم يحسب ثانية ذا الماء صار مستعملا لعدم الحاجة له لكونه تافها هنا لم ينظر لفوات ماليته وبه فارق مالو أحدث منغمس في ماء قليل حيث كان له رفع حدثه المتجدد به حفظا لماليته التى لها وقع بالنسبة لماء المسح و سن مسح أذن بعد مسح الرأس باطنا وظاهرا بما غير بلل الرأس وللصماخين أي مسح خرقيهما بماء آخرا أي جديد غير الماءين للأتباع رواه في مسح الأذنين وصماخيهما أبو داوود بإسناد حسن أو صحيح وفي كونه بغير ماء الرأس البهيقي بإسناد جيد و لأن الصماخ من الأذن كا لفم والأنف من الوجه والأحب في كيفية مسح ذلك كما قال الرافعي أن يدخل مسبحتيه في صماخيه ويديرهما على المعاطف ويمر إبهاميه على ظهورهما ثم يلصق كيفية مبلولتين بالأذنين أستظهارا ونقلها في المجموع عن الأمام والغزالي وجماعات ثم نقل عن آخرين أنه يمسح بالإبهامين ظاهر الأذنين وبالمسبحتين باطنهما ويمر رءوس الأصابع في المعاطف ويدخل الخنصر في صماخيه وكلامه في نكت التنبيه يقتضى اختيار هذه الكيفية والمراد من الأول أن يمسح برأس مسبحتيه صماخيه وبباطن أنمليتهما باطن الأذنين ومعاطفهما فاندفع ما قيل إنها لا تناسب سنية مسح الصماخين بماء جديد وأفهم كلام الناظم عدم سن مسح العنق وهو كذلك خلافا للرافعي بل هو بدعة وألف آخر للأطلاق وخللن أصابع اليدين إذ هو من سنن الوضوء ويحصل بالتشبيك بينهما واللحية الكثة بالمثلثة أي الكثيفة فيسن للرجل تخليلها ما ما لم يكن محرما للاتباع رواه الترمذي وصححه وذلك بأن يخللها بالأصابع لم يكن محرما للاتباع رواه الترمذي وصححه وذلك بأن يخللها بالأصابع من أسفلها ومثل اللحية كل شعر كثيف لا يجب إيصال الماء إلى منبته والرجلين يسن تخلليهما للأمر بكل من اليدين والرجلين في خبر الترمذي وغيره والأحب أن يخللهما بخنصر اليسرى من أسفل الأصابع يبدأ بخنصر الرجل اليمنى ويختم بخنصر اليسرى وقيل يخلل بخنصر اليمنى وقيل هما سواء فلو ألتفت أصابعه فلم يصل الماء إليها إلا بالتخليل وجب لا لذاته ولو التحمت وخاف من فتقها ضررا حرم واستكمل الثلاث باليقين أي يسن للمتوضئ تثليث أفعال الوضوء من غسل ومسح وتخليل وغيرها فالأولى واجبة والثنتان سنتان لخبر مسلم عن عثمان (أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا) وخبر أبى داود بإسناد حسن كما في المجموع (أنه صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح رأسه ثلاثا) ولخبر البهيقى بإسناد جيد كما في المجموع عن عثمان (أنه توضأ فخلل بين أصابع قدميه ثلاثا) وقال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت) وروى البخاري (أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين) وتناول كلام المصنف القول كالتسمية والتشهد فيسن تثليثه وصرح الرويانى في التشهد آخره ورواه أحمد وابن ماجه فلو شك في العدد أخذ بالأقل عملا باليقين كالشك في عدد الركعات والزيادة على الثلاث إنما تكون بدعة إذا علم بزيادتها ولو توضأ مرة ثم مرة ثم مرة لم تحصل فضيلة التثليث بخلاف نظيره في المضمضة والاستنشاق لأن الوجه واليدين متباعدان فينبغي الفراغ من احدهما ثم الانتقال إلى الآخر والفم والأنف كعضو فجاز تطهيرهما معا كاليدين كذا نقله في المجموع عن الشيخ أبى محمد الجوينى وأقره وبه أفتى البارزى وهو المعتمد خلافا للرويانى والفورانى وغيرهما وقد يجب الاقتصار على مرة فقط لضيق وقت أو احتياج لنحو عطش لا تتأتى إزالته إلا بفعل الوضوء مرة مرة وابدا بيمناك أي يندب للمتوضئ البداءة بيمناه لخبر (إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم) رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحه ولخبر الصحيحين عن عائشة قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله وترجله) أي تسريح شعره وطهوره وفي شأنه كله أي مما هو من باب التكريم كاكتحال ونتف إبط وحلق رأس واليسرى بضد ذلك كامتخاض ودخول خلاء ونزع ملبوس لما رواه أبو داود وقال في المجموع إنه صحيح كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه واليسرى لخلائه وما كان من أذى سوى الأذنين أي أن العضوين إذا سهل إمرار الماء عليهما معا كالأذنين والخدين والكفين سن عسلها معا ومحله في غير الأقطع أما هو فيقدم اليمنى مطلقا واستصحب النية من بدء إلى آخره أي يندب للمتوضئ استصحاب النية ذكرا من ابتداءسنن الوضوء ليحصل ثوابها إلى آخره كالصلاة ولئلا يخلو جزء منه عنها حقيقة فينوى مع التسوية عند غسل الكفين كما صرح به أبن الفركاح بأن يقرنها بها عند أول غسلهما كما يقرنها بتكبيرة الإحرام فاندفع ما قيل إن قرنها بها مستحيل لأنه يسن التلفظ بالنية ولا يعقل التلفظ معه بالتسمية وممن صرح بأنه ينوى عند غسل الكفين الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الطيب وابن الصباغ فالمراد بتقديم التسمية على غسل الكفين تقديمها على الفراغ منه ودلك عضو أي يندب دلك كل عضو مغسول من أعضاء الوضوء بأن يمر يده عليه بعد إفاضة الماء احتياطا وتحصيلا للنظافة وخروجا من خلاف من أوجبة والولا بين أعضاء وضوئه ندبا في وضوء الرفاهية بأن يغسل العضو الثاني قبل أن يجف الأول مع أعتدال الهواء والزمان والمزاج للأتباع وخروجا من خلاف من أوجبة وإذا غسل ثلاثا فالعبرة بالأخيرة ويقدر الممسوح مغسولا وإذا ترك الولاء وقد عزبت النية لم يجب تجديدها في الأثناء والتفريق الطويل مكروه وللوضو بسكون الواو وصلة بنية الوقف مد أي يسن أن يتوضأ بمد تقريبا وزنه رطل وثلث بغدادى وللتغسيل صاع أي ويغتسل بصاع كذلك وهو أربعة أمداد ولو توضأ أو أغتسل بأقل من ذلك كفى فقد قال الشافعى رضى الله عنه قد يرفق الفقيه بالقليل فيكفى ويخرق الآخر بالكثير فلا يكفى وهذا فيمن حجمه كحجم النبى صلى الله عليه وسلم وإلا فيعتبر بالنسبة له زيادة ونقصا وطول الغر بحذف التاء ترخيما ويجوز في الراء الفتح والكسر والتحجيل أي من سنن الوضوء إطالة الغرة بغسل زائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه وإطالة التحجيل بغسل زائد على الواجب من اليدين والرجلين من جميع الجوانب لخبر الصحيحين (إن أمتى يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) وخبر مسلم (أنتم الغر المجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله) وغاية الغرة غسل مقدمات الرأس وصفحة العنق وغاية التحجيل إلى المنكب والركبة ثم الوضوء سنة للجنب أي يسن للجنب الوضوء مع غسله الفرج قبله لنومه أو إن يطأ أي لوطئه أو يشرب بكسر الباء للوزن أي لشربه أو أكله لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أوينام توضأ وضوءه للصلاة وقيس بالأكل الشرب وقال إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا رواهما مسلم وزاد البيهقى في الثاني فإنه أنشط للعود والحكمة في ذلك تخفيف الحدث غالبا والتنظيف ودفع الأذى وقيل لعله ينشط للغسل ويزيد الجماع فإن ذلك أنشط له كما مر في الخبر فلو فعل شيئا من هذه الأمور من غير وضوء كره ومثل الجنب في ذلك الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما وليس الأمر منحصرا فيما ذكره إذ يسن الوضوء في نحو أربعين موضعا كذاك تجديد الوضو إن صلى فريضة أو سنة أو نفلا أي يسن تجديد الوضوء إذا صلى به فريضة أو سنة أو نفلا مطلقا أي بخلاف الغسل والتيمم لأن موجب الوضوء أغلب وقوعا واحتمال عدم الشعور به أقرب فيكون الاحتياط به أهم ولخير أبي داود وغيره من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات والظاهر كما قال بعضهم إلحاق الطواف بالصلاة فرضا أو نفلا إذ هو في معناها لأنه صلى الله عليه وسلم سمى الطواف بالبيت صلاة قال ولم أر أحدا ذكره وركعتان للوضوء أي يسن للوضوء ركعتان بأن يصليهما عقبة ينوى بهما سنته لخبر مسلم عن عثمان قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قال من توضأ نحو وضوئى هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه إلا غفر له ما تقدم من ذنبه) ويقرأ بعد الفاتحة في الأولى {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم} إلى قوله تعالى {رحيما} وفي الثانية {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه} إلى قوله {رحيما} ويحصلان بفرض أو نفل آخر ركعتين أو اكثر كما في ركعتي التحية والإحرام والطواف والاستخارة والدعاء من بعده أي يسن الدعاء بعد الوضوء بأن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت أستغفرك وأتوب إليك لخبر مسلم (من توضأ فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيهما شاء) وزاد الترمذى عليه (اللهم أجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين) وروى الحاكم الباقى بسند صحيح بلفظ من توضأ فقال سبحانك اللهم إلى آخر ما تقدم كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة أي لا يتطرق إليه إبطال ويسن أن يقول ذلك متوجها إلى القبلة وأن يقول معه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل محمد في أي وقت وقعا فألف وقعا ضمير تثنيه عائد على ركعتى الوضوء أي لا فرق في استحباب ركعتيه بين وقوعهما وقت كراهة الصلاة أو لأن لهما سببا وهو الوضوء. ثم شرع الناظم يتكلم على بعض آداب الوضوء وتبع في كونه أدبا جماعة نظرا إلى أن السنة ما تأكد أمره والأدب دونه ولكن المعروف أن ما طلب طلبا غير جازم يعبر عنه بالسنة وتارة وبالأدب أخرى فقال آدابه استقبال قبله أي يندب للمتوضئ استقبال القبلة في وضوئه لأنها أشرف الجهات وقيل إن استقبالها ينور البصر كما يجلس حيث لم ينله رش ما أي يندب له الجلوس على مكان مرتفع بحيث لا يناله رشاش ماء الوضوء تحرزا عنه ووضع إناء الماء عن يمينه إن كان يعترف منه وعن يساره إن كان يصب منه على يده لأن ذلك أمكن فيهما وعدم استعانة بأحد ووقوف المعين له بالصب على اليسار إن استعان لأنه أعون وأمكن وأحسن أدبا ويبتدى اليدين بالكفين وبأصابع من الرجلين أي يندب له أن يبتدئ في غسل وجهه بأعلاه لأنه أشرف لكونه محل السجود وفي غسل اليدين بالكفين وفي غسل الرجلين بأصابعهما إن صب على نفسه أو صب عليه غيره كما في المجموع واختاره في التحقيق وفي المهمات أن الفتوى عليه لكن في الروضة كأصلها تبعا للصيمري والماوردي أنه يبدأ حينئذ بالمرفق والكعب مكروهه في الماء حيث أسرفا ولو من البحر الكبير اغترفا أي مما يكره إسراف المتوضئ أي والمغتسل في مائه وإن اغترف من البحر الكبير الملح أو العذب لخبر الترمذي عن أبي بن كعب (إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان) وخبر ابن ماجة عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا السرف فقال أفي الوضوء سرف قال نعم وإن كنت على نهر) وقيل إنه حرام ومحل ذلك إذا كان في مملوك له أو مباح وإلا فهو حرام ما لم يأذن فيه مالكه أو يعلم إذنه والألف في قوله أسرفا واغترفا للإطلاق أو قدم اليسرى على اليمين أي يكره له تقديم اليسرى على اليمين للنهي عنه في صحيح ابن حبان أو جاوز الثلاث باليقين أي تكره الزيادة على الثلاث والنقص عنها لخبر أبي داود وغيره وهو صحيح كما في المجموع (أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا) وقال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أي في كل من الزيادة والنقص وقيل أساء في النقص وظلم أي في الزيادة وقيل عكسه ومحل الكراهة إذا علم زيادتها فإن شك أخذ بالأقل لأنه اليقين ولا يقال ترك سنة أسهل من ارتكاب بدعة لأنا نقول إنما تكون بدعة إذا علم أنها رابعة ويكره أيضا المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم والاستعانة بمن يطهر أعضاءه من غير عذر وأما غسل الرأس بدل المسح فغير مكروه ولما كان المتوضئ مخيرا بين غسل الرجلين وبين مسح الخفين ذكره المصنف عقب باب الوضوء فقال:
141 - رُخِّصَ في وُضُوءِ كُلِّ حاضِرِ *** يوما وليلة وللمُسَافِرِ 142 - في سَفَرِ القَصرِ إلى ثلاثِ *** مَعَ ليالِيها مِنَ الإِحدَاثِ 143 - فانْ يَشُكَّ في انقضاءٍ غَسَلا *** وشَرْطُهُ الُّلبْسُ بِطُهرٍ كَمُلا 144 - يُمكِنُ مَشيُ حاجةٍ عليهما *** والسَّترُ للرِّجْلَين مَعْ كَعبَيْهِمَا 145 - والفَرضُ مَسْحُ بعضِ عُلْوٍ ونُدِبْ *** للخُفِّ مَسْحُ السُّفْلِ مِنهُ والعَقِبْ 146 - وعَدَمُ استيعابِهِ ويُكْرَهْ *** الغُسْلُ للخُفِّ ومَسْحٌ كَرَّرَهْ 147 - مُبْطِلُهُ خَلعٌ ومُدَّةُ الكَمَالِ *** فقَدَمَيكَ اغْسِلْ ومُوجِبُ اغتِسَالِ باب المسح على الخفين: هو أولى من تعبير كثير بالمسح على الخف وإن كان المراد به الجنس إذ لو أراد أن يغسل رجلا أو يتيمم عنها لعلتها ويمسح على الأخرى امتنع فلو لم يكن له سوى رجل واحدة جاز له اللبس عليها والمسح نعم إن بقى من محل الفرض بقية لم يجز المسح حتى يوارى الباقي بما يجزي المسح فوقه ويمسح عليه رخص أي المسح على الخفين بدلا عن غسل الرجلين في وضوء كل شخص حاضر رخصة لا عزيمة حتى لو كان عاصيا بسفره لم يمسح إلا مسح مقيم يوما وليلة وللمسافر في سفر القصر إلى ثلاث أي من الأيام مع لياليها من الإحداث بكسر الهمزة أي الحدث الواقع بعد اللبس فما دام بطهر الغسل لم يحسب عليه شيء من مدته والعبرة لأول الحدث إن كان قطعة باختياره كاللمس وإلا فبآخره كالبول وإنما اعتبر ذلك لأنه لا معنى لوقت العبادة غير الزمن الذي يجوز فعلها فيه كوقت الصلاة والأصل في ذلك خبر ابني خزيمة وحبان (أنه صلى الله عليه وسلم أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما) وخبر مسلم عن شريح بن هنيء قال (سألت علي بن أبي طالب عن المسح على الخفين فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم) وأفاد قوله رخص أن الأصل جوازه مع كون غسل الرجلين أفضل منه وقد يندب كأن تركه رغبة عن السنة أو شكا في جوازه لنحو دليل وقد يكون واجبا كأن خاف فوت عرفة أو إنقاذ محترم مشرف على الهلاك إن لم يمسح أو كان لابس الخف بشرطه فأحدث ومعه ماء يكفيه لو مسح عليهما بخلاف ما لو لم يكن لابسهما فإنه لا يجب عليه لبسهما ليمسح عليهما حينئذ وخرج بقوله في وضوء التيمم المحض لفقد الماء وإزالة النجاسة فلا يجوز المسح فيهما والغسل فيمتنع المسح فيه واجبا كان أو مندوبا وسوغ حذف تاء ثلاثة حذف معدودها ومراد الناظم بلياليها ثلاث ليال متصلة بها سواء أسبق اليوم الاول ليلته بأن أحدث وقت الغروب أم لا كأن أحدث وقت الفجر ولو أحدث في أثناء الليل أو النهار اعتبر قدر الماضي منه من الليلة الرابعة أو اليوم الرابع وعلى قياس ذلك يقال في مدة المقيم وما ذكره الناظم من كون المقيم يمسح يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليها محله إذا مسح خفيه في السفر وإن أحدث في الحضر أو خرج وقت الفريضة فيه فلو مسح حضرا ولو أحد خفيه أتم مسح مقيم ولو مسح سفرا ثم أقام لم يستوف مدة سفر ومحله أيضا في غير دائم الحدث والمتيمم لا لفقد الماء فأما دائم الحدث كمستحاضة فأنه إذا أحدث بعد لبس خفيه غير حدثه الدائم وقبل أن يصلي به فرضا جاز له المسح على خفيه واستباح به ما كان يستبيحه بطهره الذي لبس خفه عليه وهو فرض ونوافل فلو صلى بطهره فرضا قبل أن يحدث استباح بهذا المسح النوافل فقط والمتيمم لغير فقد الماء كمرض أو جراحة يمسح على خفيه لفرض ونوافل فقط إن أحدث قبل أن يصلي بطهره فرضا وإلا استباح النوافل فقط سواء أكان تيممه مكملا لوضوءه أو غسل أو مستقلا وأفهم كلامه أنه لو توضأ بعد حدثه وغسل رجليه في الخف ثم أحدث كان ابتداء مدته من حدثه الأول وبه صرح الشيخ أبو علي في شرح الفروع فإن يشك في انقضاء غسلا أي إذا شك في انقضاء مدة المقيم بأن كان غير مسافر سفر قصر سواء أشك في الابتداء كما إذا شك هل أحدث وقت الظهر أو العصر أو لم يشك كأن تردد هل مسح حاضرا أو مسافرا غسل رجليه وجوبا لأن المسح رخصة بشروط منها المدة فإذا شك فيها رجع إلى الأصل وهو الغسل فلو شك مسافر هل مسح سفرا أو حضرا اقتصر على مدة الحضر فلو خالف وصلى في اليوم الثاني بالمسح ثم تبين له في اليوم الثالث أنه ابتدأ المسح في السفر جاز له المسح والصلاة في اليوم الثالث ويعيد مسحه وصلاته في اليوم الثاني لوقوعهما مع التردد وشرطه اللبس بطهر كملا أي شرط المسح على الخفين أن يلبسهما على طهر كامل من الحدثين لخبر الصحيحين دعهما (فإني أدخلتهما طاهرتين) فلو لبسهما قبل غسل رجليه لم يجز المسح إلا أن ينزعهما من موضع القدم ثم يدخلهما فيه ولو أدخل إحداهما بعد غسلهما ثم غسل الأخرى وأدخلها لم يجز المسح إلا أن ينزع الأولى من موضع القدم ثم يدخلها فيه ولو غسلهما في ساق الخف ثم أدخلهما في موضع القدم جاز المسح ولو ابتدأ اللبس بعد غسلهما ثم أحدث قبل دخولهما إلى موضع القدم لم يجز المسح ولو أخرجهما بعد اللبس من مقرهما ومحل الفرض مستور والخف معتدل لم يضر وفارقت ما قبلها بالعمل بالأصل فيهما وبأن الدوام أقوى من الابتداء كالإحرام والعدة يمنعان ابتداء النكاح دون دوامة ويؤخذ من قوله بطهر كملا اشتراط كون الخفين طاهرين فلا يجزيء المسح على نجس ولا متنجس لعدم صحة الصلاة فيه التي هي المقصود الأصلي من المسح وما عداها من مس المصحف ونحوه كالتابع لها ولأن الخف بدل عن الرجل وهي لا تغسل عن الوضوء ما لم تزل نجاستها فكذا بدلها نعم لو كان بأسفل الخف نجاسة معفو عنها مسح منه ما لا نجاسة عليه والألف في قوله غسلا وكملا للإطلاق يمكن مشي حاجة عليهما أي يعتبر كونهما بحيث يمكن متابعة المشي عليهما لتردد مسافر لحاجاته عند الحط والترحال وغيرهما مما جرت به العادة وإن كان لابسه مقعدا بخلاف ما لا يمكن فيه ذلك لغلظة كالخشبة العظيمة أو ورقته كجورب الصوفية أو المتخذ من جلد ضعيف أو لسعته أو ضيقه فلا يكفي المسح عليه إلا أن يكون ضيقا يتسع بالمشي فيه عن قرب ويعتبر فيه هذه القوة من غير مداس تحته لمقيم يوما وليلة ومسافر ثلاثة أيام بلياليها عند حاجته الواقعة في ذلك عادة وشمل كلامه ما لو كان الخف مشقوقا قدم شد بالعرى لحصول الستر والإرتفاق به وما لو كان غير حلال كمسروق ومغصوب فيكفي المسح عليه كالوضوء بماء مغصوب بخلاف محرم مسح على خف فلا يجزأه كما ذهب إليه بعضهم وما لو كان خفا فوق خف قوبين ومسح أسفلهما أو الأعلى ووصل البلل إلى الأسفل لا بقصد الأعلى فقط وكذا لو كان الأعلى غير صالح للمسح ويؤخذ من كلامه أنه يشترط كونهما يمنعان نفوذ ماء الغسل لو صب عليهما من غير محل الخرز لأن ما لا يمنعه خلاف الغالب من الخفاف المنصرف إليها نصوص المسح فلو تخرقت ظهارة الخف أو بطانته أو هما ولم يتحاذيا والباقي في الثلاثة صفيق أجزأه وإن نفذ الماء منه إلى محل الفرض لو صب عليه في الثانية بخلاف ما إذا لم يكن الباقي صفيقا أو تحاذى الخرقان والستر وللرجلين مع كعبيهما أي يعتبر كون الخفين ساترين للرجلين مع كعبيهما من كل الجوانب وهو محل الفرض لا من الأعلى فلو رؤي منه بأن يكون واسع الرأس لم يضر عكس ستر العورة لأن اللبس هنا من أسفل وهناك من أعلى والمراد بالساتر الحائل لا مانع الرؤية فيكفي الشفاف كالزجاج عكس ساتر العورة لأن القصد هنا منع نفوذ الماء وثم منع الرؤية والفرض مسح بعض علو أي إن الفرض مسح بعض علو كل خف لتعرض النصوص المطلقة كما في مسح الرأس في محل الفرض لأنه بدل عن الغسل وخرج بعلوه بضم أوله وكسره أسفله كذلك وباطنه الذي يلي الرجل وحرفه وعقبه لأن اعتماد الرخصة الإتباع ولم يرد الاقتصار على غير علوه وندب للخف مسح السفل منه والعقب أي يسن مسح أسفل الخف أي مع أعلاه وعقبه وهو مؤخر الرجل قياسا على أسفله بل أولى لأنه بارز يرى والأسفل لا يرى غالبا وعدم استيعابه أي يسن عدم استيعاب الخف بالمسح بأن يمسحه خطوطا لما رواه ابن ماجة وغيره أنه صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه خطوطا من الماء والأولى في كيفيته أن يضع كفه اليسرى تحت عقبه واليمنى على ظهر أصابعه ويمر اليسرى إلى أطراف أصابعه من أسفل واليمنى إلى الساق مفرجا بين أصابع يديه لأثر عن ابن عمر رواه البيهقي وغيره ولأنه أسهل وأليق باليمنى واليسرى ويكره الغسل للخف لأنه يعيبه من غير فائدة ومسح كرره لأنه يعرضه للتعييب ولأنه بدل كالتيمم بخلاف مسح الرأس ويؤخذ من العلة الأولى أنه لو كان من نحو خشب وتوفرت فيه الشروط لم يكره غسله ولا تكرار مسحه يبطله خلع أي يبطل المسح خلع الخفين أو أحدهما وهو بطهر المسح ومثله طهور رجله أو الخرق الذي تحته أو بعض الرجل أو الخرق ومدة الكمال فقدميك اغسل أي تنتهي مدة المسح بانقضاء المدة فيجب غسل القدمين لبطلان طهرهما بالخلع أو لانتهاء وخرج بطهر المسح طهر الغسل بأن لم يحدث بعد الغسل أو أحدث لكن توضأ وغسل رجليه في الخف فصارت ظهارته كاملة ولا يلزمه شيء وله أن يستأنف لبس الخف في الثانية بهذه الطهارة ذكره في المجموع قال في المهمات وأشار بقوله وله أن يستأنف إلى وجوب النزع إذا أراد المسح حتى لو كان المقلوع واحدة فقط فلا بد من نزع الأخرى وهو كذلك والألف واللام في قوله ومدة الكمال للعهد أي بمعنى الضمير على رأى أي مدة كماله أي المسح وموجب اغتسال أي موجب اغتسال من جنابة وحيض ونفاس وولادة جاف يوجب نزع الخف وتجديد لبسه إن أراد المسح بأن ينزعه ويتطهر ثم يلبسه واللبس الأول انقطعت مدة المسح فيه بالجنابة ونحوها لأمر الشارع بنزع الخف من أجلها في خبر صفوان بن عسال وصححه الترمذي وغيره دل الأمر بالنزع على عدم جواز المسح في الغسل والوضوء لأجل الجنابة فهي مانعة من المسح في الغسل قاطعة لمدته حتى لو اغتسل لابسا لا يمسح بقيتها كما هو مقتضي كلام الشيخين وغيرهما وقيس للجنابة ما في معناها ولأن ذاك لا يتكرر تكرر الحدث الأصغر فلا يشق النزع وخرج بكلامه اغتسال طرق النجاسة فلا يوجب نزعه إن أمكن إزالتها فيه فله تمام المدة لعدم الأمر بالنزع لها بخلاف الجنابة وليست في معناها فإن لم يمكن إزالتها فيه وجب النزع.
|